26 Apr
26Apr


(7)

قصيدة

يقولون عني أن عمري الفني قصير جدا

 ويقولون أيضاً أنا من اغتلته بنقسي

 لكن الحقيقة والجانب الأخر من القصة والذي لا يعرفه سواي .. ليس كذلك إطلاقا..

في طفولتي اعتدت أن أرى والدي يسمع ويقرأ قصائد  للأستاذ.نعم هذا كان لقبه والذي كان يتطابق تماما مع مكانته في القصيدة وفي الأغنية العربية الأستاذ تقريبا هو الشاعرالأول في البلد من أرتبط اسمه باسم البلد منذ أن بدأ وفي ذهني أيضا كان بمثابة قدوة فنية

 وكأنه الأب الروحي لما اطمح له  بل أن حتى معلمي الذي اختاره والدي كان قد علمه سابقامن معلميه الأوئل والقدامى 

كان أول لقائي لي مع الأستاذ يوم كنت أنا ومجموعة من الفنانين  في دعوة رسمية للقائه

كان يقيم أمسية في منزله ويلتقي بنا كفنانين

 اسمي قد بدأ يظهر حينها في الأوساط صحيح أنني لم أكن بحجم وجماهرية معظم الحضور وقتها 

 كنت لا أزال طالبا في الجامعة حينها

 ذهبت إلى اللقاء متطلع ومترقبا ولما ينتظرني هناك 

علمت أني سوف أقابل أشخاص لطالما أبهروني وألهموني 

جلست في المجلس الواسع بينهم شعرت بالحماس والسعاد أنا الآن مع عمالقتي الملهمين

تحدثنا كقبرا عن الأحان وعن الغناء واستمعت لأحاديثم الثرية عن هذا العالم الذي كنت حينها أدخل إليه لللتو وتبهر عيني أضواءه كنت وقتها قد نشرت ألبومي الأول وقد لقي صدىً جيداً ولهذا لم أتكلف عناء التعريف بنفسي 

الأستاذ  صاحب الدعوة كان مرحبا بالجميع شجعني كثيرا

 شعر برهبتي في بداية اللقاء فقال  أغنيتك الأخيرة مبهرة أنتشرت إنتشار سريع ، وهذا لأنها فعلا تستاهل ،أنت موهبة لازم نستثمر فيها 

(هيا كلها أغنيتن إلي عنده صح)

تناهى إلى مسمعي  صوت بعيد همس بذلك لأحدهم من أحدهم..

لكنه وصل إلى أذني فأربكني بعض الشيء لاحظ الشاعر الأستاذ ذلك فربت على كتفي وقال وإيش رأيك أعطيك قصيدة تكون أغنيتك الجديدة 

إذا وافقت طبعا

 لثواني شعرت أنه نقلني إلى تردد مختلف أتعلمون ماذا يعني أن ألحن قصيدة للأستاذ وأغنيها بصوتي أن تكون قصيدته أغنيتي 

تابع 

لحنها وراح تكون اغنيتك 

(8)

الاستديو

صباح يدعو للتفاؤل وشمس مشرقة سطعت على وجهي من خلف النوافذ الزجاجية العالية في أوستديو الأستاذ

 حيث التقينا في اليوم التالي 

 كل زاوية فيه كانت تنبض بالبهجة 

. رأيت الأستاذ جالسا على طاولة مليئة بالأوراق والمعدات الموسيقية.منهمكا في الحديث مع أحدهم كان يشير إلى  بعض الأوراق في يديه قبل أن ينتبه إلى وجودي  دعاني  للانضمام إليهم. قمت بتقديم نفسي بسعادة، 

قبل أن يبدأ حديثنا حول الألحان مرة أخرى 

تأثير الشعر والموسيقى على الشعور لقد كنت متحمس لنقاش أفكاري الجديدة.

 عرض علي الأستاذ ملفا به بعض قصائده، وطلب مني اختيار بعض منها و التفكير في كيفية تلحينها.

توقفت عندإحداها لدقيقة أعدت قرأتها مرارا قبل أن يقول الاستاذ

 أعتقد الآن نجيب العود نسمع منك
 قبل أن يشير بيديه للخادم الذي أحضر العود وقدمه إلي قلت وأنا أستلم العود:

كيف تتوقع اللحن أقصد ما هي المشاعر التي تريد أن تعبر عنها من خلال اللحن؟ أريد أن يظهر هذا اللحن الأمل و القلق في آن واحد. فهناك جزء في القصيدة يتحدث عن تقلبات الحياة ، لكن هناك أيضًا مقاطع تتحدث عن الذكريات الجميلة. وكيف تتحول

فكرت: أدرك أن حتى الحزن بدرجة معينة قد يسعد بعض الناس ويألفونه ويحبونه 

 (أعدت قراءة البداية ) أفهم. لمحة من الحزن يمكن أن تكون ببداية اللحن، ثم نتحول تدريجيا إلى حركة أكثر إيقاعًا عندما تصل إلى الذكريات، أليس كذلك؟

أفكر نبدأ بلحن هادئ وبسيط، ثم نضيف بعض التوزيعات بعد ذلك. ما رأيك؟

أعتقد هذا سيفيد جدا ،

 تابعت وباق القصيدة يناسبها أيقاع سريع في

.أخذت نفسا عميقا وبدأت العزف على الأوتاركانت هذه المرة الأولى التي ألحن قصيدة لشاعر معروف بمقامه وأغنيها أيضا وكانت أيضا الأغنية الأقوى والأكثر انتشار لي

 وربما كانت هي البداية لأعتزالي..

***

(9)

صورة 

واضح أنك ما فتحت جوالك اليوم 

اكنت أتصفح كتاب وأجلس بهدةء في الصالة قبل أن تقتحم أختي ذلك الهدوء بكلماتها السابقة 

 قالتها وقربت إلي الجوال

ألتقطه بسرعة.قبل أن تقع عيني على صورتي في زحمة المطعم وأنا أحمل أبنها في ذلك اليوم 

كُتب على الصورة يختفي بين الزحام لكن صوته لا زال حاضرا

وتحت العبارة توقيع لحساب يتضح منالاسم   بأنهم فانز أو جمهوري أو أي كان ما يقصدونه فهذا مزعج

رغم أنني توقعت ذلك فقد لمع فلاش الكميرا في وجهي أكثر من مرة عندما كنا عند المطعم 

لكن ولا أعرف لماذا كانت الصورة مزعجة

 مزعجة جدا و أشعرتني بالبؤس أجل شعرت بذلك 

تأملتها لدقائق وقرأت التعليقات تحتها كانت مزعجة أيضا شعرت وكأن تلك التعليقات لها أصوات وأسمعها تكتب بتهكم 

  • هل هذا جبن 
  • أم أنه خائف 
  • أتسائل لماذا يقلب الأنسان حياته 
  • وكأن وجهه مكتأب
  • ربما أصيب بمرض أو مشكلة تسببت فابتعاده عن الأضواء
  • منذ ظهوره الأول وانتشاره السريع أخاف الكثير 
  • رد آخر لا تبالغو إنه لا يخيف أحد الأسماء التي تذكرونها عمالقة فنية وأساتذة له لا يخيفهم تلميذهم

أحتدم نقاش حول الصورة عن إختفائي وعن أسبابه كل شخص يحلل ويضع السبب الذي يحلو له أخيرا تنفست وكأني أحاول أن أنفض كلماتهم تلك وتعليقاتهم وأعدت الجوال لأختي

 بهدوء قلت على مضض:لا جديد ، تعودت على هذا 

قالت:

سبعة سنوات والناس ما نسيتك للأن هل كنت تتوقع يمر كل هذا الوقت والسنين ولسا تفضل معروف وأنت مانزلت ولا عملت ولا أغنية 

تصنعت لا مبالتي الدائمة رغم غضبي من الصورة 

 استلقيت على الأريكة وراح عقلي مرة أخرى إلى ذكرى بعيدة يوم الحادث الذي قلب حياتي رأسا على عقب 

وغير مسار القصة واغتال عمري الفني في مهده

 (10)

المشكلة 


كان الجو غائما يومها بشكل جميل.

 أحب أن أقضي يوما كهذا في الخارج 

 كنت أتفقت يومها مع بعض الأصدقاء على أمسية نقيمها في الحديقة العامة 

أجل سوف نعزف في مكان عام  ومفتوح لن نجد أفضل من هذه الوقت في السنة لنفعلها.

في الحديقة العامة كانت نسمات الهواء لطيفة ،

 تجمعنا بشكل دائري كل واحد منا ممسكا ألته تجمع الناس حولنا قبل حتى أن تكتمل المجموعة..

الجميع هناك كان متشوقا للأمسية

 بدأت أنا العزف على العود، ممهدا لدخول بقية الأىت كنت أجده دوما هوالآلة الأنسب للبداية بينما بدأ الأخرون بمجارتي بألاتهم  وبدأت يتناغم مع النغمات.

 لفت انتباهي شخص يجلس بعيدًا، في زاوية مظلمة تقريبًا، يراقب بهدوء.المكان أمتلأ الناس الذين ألتفو حولنا بسرعة مستمتعين يستمعون بشغف

لكن لا أعرف لماذا شعرت بأنزعاج ينبعث من ذلك الشخص المتواري بعيدا  كلما انهمكت في العزف على أوتار العود يعودي بصري مرة أخرى إلى ذلك المجهول 

ختمنا أخر أغنية 

كانت خاتمة مبهرة لكني  بدأت أشعر بالتعب عزفنا لساعتين متواصلتين مر الوقت بسرعةلم أشعر بها 

ما أثار قلقي أنا ذلك القابع في الركن المظلم بقي في مكانه طوال تلك الساعتين تماما سمعنا أنك تتعاون مع الشاعر الكبير الأستاذ. هل هذه الأخبار صحيحة؟"

سألني هذا السؤال أحد الأصدقاء ممن كان يعزف معنا للتو

أجابت: "نعم، بإذن الله يكون عمل مميز قريبًا، ." 

بينما كنت أتحدث، لاحظت أن الشخص الموجود في الزاوية قد تحرك من مكانه

لقد كانت زاويته فارغة لا أدري لماذا أنتابني القلق لكن عندما عزمت  بالرحيل وتحركت نحو المكان الذي أوقفت فيه  سيارتي

 أدركت حينها  أن اليوم الذي بدأ بشكل جميل أخذ منعطفًا غير متوقع.

سيارتي كانت في حالة فوضى. الباب الجانبي كان مفتوحًا، وبعض أغراضي التي كانت داخل السيارة كانت تتدحرج على الأرض.

شعرت بدفعة من الخوف يرافقها شعور بالارتباك. هل تمت سرقة شيء ما ؟

أقتربت بهلع وقع بصري على شيء غريب تحت المقعد الأمامي. كان دفتر ملاحظات صغير لم أره قبل اليوم لكنه كان بداية المشكلة 

تماما..

***

يتبع في الأسبوع القادم

تعليقات
* لن يتم نشر هذا البريد الإلكتروني على الموقع.