16 Jun
16Jun



الوقت مستقيم هو أم دائري؟

 بهذا التساؤل الهندسي استهل كتابته

 كان جالسًا في زاويته المفضلة بالمقهى، يراقص القلم بين أصابعه وهو يحدق في الصفحة البيضاء أمامه قبل أن يلمع ذلك التساؤل في رأسه  معلناً وصول بذرة الإلهام أخيرا ، فبدأ يخطه بعناية على الورقة . الضجيج الخافت حوله كان كخلفية موسيقية تدفعه للكتابة، فلطالما أختار مكاناً المزدحم في وسط المدينة ليكون مكانا للكتابة فلعله يستلهم من الأحاديث التي تعلو وسط الضجيج بين الفينة والأخرى.

 يستلهم أفكاره أو يجد أجوبة لتساؤلاته.التساؤلات التي كان يكتبها مسبقاٌ ويفترض أن بجلوسه هنا في قلب مكان مزدحم و متخم بالأحاديث والقصص  حتما سوف يجد جوابا في صخب الحياة أو كما يقول لنفسه بين حياة الأرواح على كوكب الأرض

وها هو ذا السؤال قد وصل ينتظر وصول الجواب 

.قال لنفسه مرة لا يحتاج الإلهام إلى الهروب من الضجيج يكفي لإلتقاطه أن تمتلك موهبة الأنصات

أخذ نفسًا عميقًا، وبدأ يكتب أول جملة: "كان الكاتب جالسًا في زاويته المفضلة بالمقهى..."

قاطعه صوت قادم من الطاولة المجاورة حديث يجري بين شخصين قال الأول:

أكسر الدائرة النكدة 

أرهف سمعه وأنصت للحوار استمر حديث الشخص :إلى متى نرجع لنفس النقطة.

 عندها أسرع يكتب:

أعتقد أنه دائري بعض النواحي في الحياة  كالدائرة الزمنية  فكل لحظة تحمل ذكريات سابقة و كأننا نعيش نفس التجارب مرة بعد مرة لكن بطرق مختلفة في كل مرة

 قال الأخر بانفعال:

أعرف لكن حتى مع ذلك أنا تعلمت، وتغيرت و..

قاطعه محدثه:

لا تكابر ولا تغالط نفسك.

أنا لا أكابر ، بل أنت لا ترى من زاويتي

 أي زاوية؟  أنت لا تنظر بواقعية أصلا

 أحتدم النقاش.

لكن الكاتب تابع الكتابة بهدوء وكأنه لا يسمع الحوار الدائر ، رغم أن  كل كلمة كانت تُضيف بُعدًا جديدًا لرؤيته .

كلماته  تتوسع وتنمو. كتب  كيف أن الحياة، رغم دورانها، فهي تتعاطى مع التغييرات الصغيرة. كيف أن كل تجربة قد تحتوي على دروس تنتظر من يتعلمها.

الدائرة حتى مع تكرارها تتوسع و تنمو مع كل تغير جديد يضاف إليها سواء كان تغيرا مقصودا أم تلقائي

 "كان للشخصين وجهات نظر مختلفةً، ولكن في صميم  الحوار يكمن شعور عام بالوصول إلى حل.

 بعض القصص تتكرر بصورة مقلوبة، تعود لتظهر أمامنا بشكل مختلف، فتجعلنا نشعر وكأننا محاصرون في حلقة زمنية تُجبرنا على مواجهة ذات الدروس مجددًا.

"أخذ أحدهما  نفسًا عميقًا، وقال: "لا أريد العودة لنفس النقطة، أريد أن أنتقل إلى مرحلة جديدة." لكن هذا يتكرر معي لست أغعل ذلك عمدا

 قفزت الفكرة إلى رأس الكاتب: "كيف نتجاوز هذه الدائرة؟ هل يمكننا فعل ذلك بطرق مختلفة؟"

كتب بتركيز: "الماضي يظل جزءًا منا، ولكن التعلم هو الذي يمنحنا القوة لنكون أفضل، لننموا داخل هذه الدائرة instead of getting trapped in it."بدت الفكرة وكأنها تنبض بالحياة، نقلها على الفور إلى شخصية.

  بطلًا في قصته تتصارع خواطره ليجد طريقًا للخروج من تلك الدائرة، مخاطبًا القضايا القديمة بطريقة جديدة."في كل مرة يرتكب فيها أخطاءه، كانت  تأخذه إلى نقطة جديدة في حياته، ولكنها أيضًا تعيده إلى البداية بداية مع خبرة سابقة وتجربة حقيقة تعني قصة مختلفة ودائرة جديدة فإن كان قد بدأ في المرة الأولى من سالب عشرة فالمرة القادمة البداية تكون من الصفر وبعدها من خمسة واللذي تليها من عشرة وهكذا. يتساءل عن خططه ويبدأ في تغيير مسار رحلته مرة بعدة مرة ."تماما كما تقول الفلسفة الهندية عن الحيوات السابقة أنت تعود مرارا وتكراراً مع خبرات سابقة ولست خالي الوفاض 

هز رأسه موافقة على الفكرة وكتب الحياة تطلب 

ذلك  قصة الشعورتطلبت ذلك 

ولكل روح قصة جأت لتجسدها وتعيش لتنمو وتتطور من خلاله

    إستمر يكتب ويكتب بدت الشخصية في قصته حية منطقية أكثر وأقرب لتجسيد في الواقع 

عندما انتهى ، أحس بمزيج من الرضا والتفاؤل. كان يدرك أن الوقت، رغم دائريته، يحمل في طياته فرصًا للنمو والتغيير.أعطى نظرة أخيرة إلى الصفحات التي خطها، ثم نظر إلى الطاولة المجاورة التي كانت فارغة 

غادر المتحثان الذان كان جوابا لسؤاله .تمنى لو كان بإمكانه أن يخبرهما كم كان جدالهما العابر مصدر إلهام له، فتلك اللحظات العادية يمكن أن تحمل في طياتها عمقًا لا يُتصور.عندما خرج من المقهى، أحس أن الدائرة قد انكسرت بعض الشيء. لقد اجتاز نقطة البداية، في القصة التي يكتبها غلى الأقل وأصبح مستعدًا لمواجهة الآتي بكل ما يحمله من تجارب جديدة.

بينما كان قلبه خفيفًا، محملاً بالأمل والفضول لمعرفة ما سترويه له الحياة ولقصته في دوائرها القادمة

تعليقات
* لن يتم نشر هذا البريد الإلكتروني على الموقع.