10 May
10May

(11)

الدفتر

التقطت دفتر الملاحظات الصغير بحذر، 

وكأنني أخشى أن ينفجر في يدي. كان غلافه جلديا زاهي  اللون،  

قلبته في يدي قبل أن ألمح توقيع في زاوية الغلاف خلت أني أعرف صاحبه

لكنني لست متأكد ، فتحته على عجل لأتأكد 

 كانت الصفحات مليئة بخط يد أنيق، لكنه بدا متعجلاً في بعض المواضع، وكأن صاحبه كان يسابق فكرة أو شعورًا.كلمات... قصائد... لم تكن مجرد خواطر عابرة، بل أبيات موزونة ذات معنى عميق، بعضها مكتمل وبعضها الآخر بدا كمسودات عليها شطبات وتعديلات. كلما قرأت أكثر، زاد شعوري بأن هذا الأسلوب مألوف بشكل مقلق. هناك صور شعرية، واستعارات، وجرس موسيقي للكلمات يذكرني بشخص واحد فقط.صحيح أنني لم أقرأ أو أسمع شيء من تلك القصائد قبل الآن لكني أعرف هذا الأسلوب جيدا.

ثم، في زاوية إحدى الصفحات، لمحت التوقيع نفسه بالأحرف الأولى لاسم الشاعر.

نعم ..هو.

الأستاذ ! 

قلبي هبط إلى قدمي. هل يمكن أن يكون هذا دفتره؟ 

ولكن كيف وصل إلى هنا؟ ولماذا بهذه الطريقة؟

تراجعت خطوة إلى الوراء، مستندًا إلى سيارتي. الدفتر في يدي أصبح ثقيلاً فجأة، بما يحمله من لغز

ذلك الشخص في الزاوية المظلمة... هل هومن فعلها؟ هل كان يحاول إيصاله لي بطريقة ملتوية وغريبة؟ 

أم أن الأمر أكثر تعقيدًا وخطورة؟ هل تمت سرقة الدفتر من الأستاذ؟،

 الأسئلة تكاثرت في رأسي كعاصفة. ذلك الانزعاج الذي شعرت به في الحديقة  لم يكن بلا سبب. كان حدسي يريد أن يخبرني بأمر ما

 أمسكت بهاتفي، ترددت للحظة. هل أتصل بالشرطة؟ ماذا سأقول لهم؟

 وجدت دفتر شعر في سيارتي التي تعرضت للتخريب؟ قد يبدو الأمر سخيفًا.

لكن فكرة واحدة بدأت تتبلور ببطء وسط الفوضى في ذهني: هذا الدفتر  وضع هنا لغرض وضعي في موقف ما ..

أغلقت الدفتر بعناية ووضعته في جيبي الداخلي، شعرت وكأنه حملاً ثقيلاً . يجب أن أتصرف بحذر. ما الغرض من وضع دفتر الإستاذ في سيارتي بهذه الطريقة سوى إقحامي في أمر لا أعرف ،

 يجب أن أفهم كيف ولماذا انتهى به المطاف في سيارتي.تحركت قدت سيارتي إلى أقرب مركز للشرطة.

***

(12)

مكتملة الأركان.

في  قسم الاستقبال،في المركز وحتى يؤذن لي بالدخول شرحت الموقف باختصار لمجند بدا عليه الملل، والذي طلب مني الانتظار. 

بعد دقائق، استقبلني محقق في شاب، بدا أكثر جدية واهتمامًا. 

جلس أمامي في غرفة تحقيق صغيرة، وبدأت أسرد القصة : 

الأمسية الموسيقية، الرجل المتخفي في الزاوية، عودتي لأجد سيارتي مفتوحة وأغراضي مبعثرة، وأخيرًا، العثور على دفتر الملاحظات.

وضعت الدفتر على الطاولة بيننا.

 المحقق قلّبه باهتمام، وقرأ بضع صفحات بصمت."

وهل تعرف لمن هذا الدفتر؟" سأل المحقق بهدوء."

 أعتقد أنه للشاعر الكبير الأستاذ أ.س." أجابته، موضحًا كيف استنتجت ذلك من الأحرف الأولى والأسلوب. "

كنت أنوي التواصل معه أحد إعادته له، لكنني شعرت أن إبلاغكم هو التصرف الصحيح نظرًا لما حدث لسيارتي.

"أومأ المحقق برأسه ببطء. "هل لديك أي فكرة عن سبب وجود هذا الدفتر في سيارتك؟"

"لا، سيدي. كما قلت، أعتقد أن ذلك الشخص الذي كان يراقبني هو من وضعه هناك."

"الشخص الذي كان يراقبك... هل رأيته بوضوح؟ هل يمكنك وصفه؟"

وصفت الرجل بأفضل ما استطعت، لكن التفاصيل كانت غامضة بسبب الظلام والمسافة.

 شعرت بأن المحقق لم يقتنع تمامًا.بعدها أجرى المحقق مكالمة هاتفية. تحدث بصوت منخفض، لكني  التقط كلمات مثل "بلاغ سرقة".عندما أنهى المكالمة،

 نظر إلي نظرة أشد فحصًا وبرودة.

"سيدي،" قالها ببطء، "الأستاذ أ.س. قام بالفعل بالإبلاغ عن سرقة دفتر ملاحظاته الخاص من مكتبه في الأستديو صباح هذا اليوم. وهذا الدفتر يتطابق تمامًا مع وصفه.

"شعرت بالارتياح للحظة. "إذن فقد تم العثور عليه!"

"نعم،" قالها، وسكت برهة ينظر إلى بتفحص قبل أن يتابع 

"لقد تم العثور عليه... معك. في سيارتك التي تدعي أنها تعرضت للعبث."
بدأ العرق البارد يتصبب على جبيني أدعي ؟؟

 "أنا لا أدعي! هذا ما حدث!

"استطرد وصوته يزداد حدة، "هل لديك أي دليل على وجود هذا الشخص الغامض الذي تتحدث عنه؟ أي شاهد كان معك وفت اكتشاف ما حصل للسيارتك؟"

"لا، لكن..."

قاطعني 

"باختصار يا سيدي، هي أن لدينا بلاغ سرقة لغرض مهم. ولدينا شخص بحوزته هذا الغرض، وقصته، مع احترامي، تبدو... ملائمة جدًا. شخص كان في المكان المسروق  قبل وقت ليس ببعيد، ربما رأيت الدفتر هناك و أردت الاطلاع على أحد أعماله بشكل غير مشروع؟

"صُدمت. "ماذا؟  تتهمني بسرقته؟  جئت إلى هنا بنفسي لأبلغ عن الأمر!"

"أو ربما جئت لأنك شعرت بالذنب، أو خشيت أن يتم تعقبك بطريقة ما،"  "مكتب الأستاذ تعرض للاقتحام صباح اليوم بشكل يوحي بأن الفاعل كان يبحث عن شيء محدد. لم تتم سرقة أي أشياء ثمينة أخرى، فقط بعثرة الأشياء وأعمال تخريبية بالإضافة إلى سرقة هذا الدفتر. ومن ثم وبعد عشر ساعات يظهر الدفتر معك  كيف تعتقد أن يكون تفسير ذلك .

"أدركت  فجأة المأزق الذي وقعت فيه…

من بعثر أغراض السيارة وتركها مفتوحة بهذا الوضع كان يدفعني للتبليغ لم يكتفي بوضع الدفتر داخلها وحسب.. بل أثار الفوضى ليدفعني لمركز الشرطة.

.تماما كما أثار الفوضى في مكتب الأستاذ ليدفعه هو الأخر ليقدم بلاغا .شعرت بأن الأرض تميد بي. اليوم الذي بدأ بلحن جميل في الحديقة، انتهى بي  متهمًا،

هل كان من المفترض أن لا أبلغ؟.

 أي شخص رأى سيارته في ذلك الوضع سيتصرف تماما كا فعلت أنا، لقد حاولت التصرف بما اعتقد أنه الصواب ، لكنه قادني مباشرة إلى فخ محكم.

فخ مكتمل الأركان 

***

يتبع في الأسبوع القادم


تعليقات
* لن يتم نشر هذا البريد الإلكتروني على الموقع.